كسرت لمياء بومهدي القاعدة المغلوطة التي تقول إن كرة القدم النسوية في المغرب رياضة تمارسها الفتيات "الذكريات"، أو المتحدرات من أوساط اجتماعية يطبعها البؤس والعنف، ذلك أن لمياء بكل بساطة لا تنتمي إلى الواقع الأول أو الثاني. فهي فتاة على قدر كبير من الجمال وتنحدر من أسرة ميسورة الحال. وتقول أنها تتمتع بأنوثة طبيعية كباقي الشابات في عمرها.
تبلغ بومهدي 24 ربيعا. تابعت دراستها إلى حدود قسم الباكلوريا لتبدأ مسيرة أخرى في المدارس الخاصة. في الوقت الراهن تمارس كرة القدم بنادي برشيد، وهي نجمة أيضا في صفوف المنتخب الوطني للإناث.
تعيش لمياء الحريزية الاصل داخل اسرة متكونة من اختين وأخ واحد. امها استاذة ووالدها متقاعد من مؤسسة محترمة. ويقطن الجميع في حي راق بمدينة برشيد.
رغم أن كرة القدم النسوية في المغرب لا يرجى منها تحسين الظروف الاجتماعية لممارساتها, فإن لمياء كباقي اللاعبات في جل ربوع المملكة لاتنتظر شيئا كبيرا من هذه اللعبة وتعتبرها فقط هواية مثل جمع الطوابع أو قراءة المجلات. مع ذلك فإن مدخولها بفريق برشيد تطور بشكل ملحوظ مع بداية تنظيم بطولة وطنية لفئة النساء تحت اشراف الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم التي وعدت بتقديم منح مهمة للفرق.
هكذا باتت بومهدي وزميلاتها في النادي يتقاضين, بحسب رئيس الفريق المحامي جهوري بوشعيب, ما بين 1000 و2500 درهم في الشهر. وهو مبلغ يتضمن منح المباريات ومصروف الجيب والتنقل والأكل.
لكن بومهدي سبق أن تقاضت منحة الاعلى في مسارها الكروي الذي بداته منذ 1997. فقد حصلت على جائزة افضل لاعبة وهدافة في دوري أبو ظبي الدولي في الإمارات العربية المتحدة وقيمتها 10.000 درهم.
تعتبر لمياء في برشيد أكثر من عميدة للفريق. فقد تأسس الفريق نسوي للمدينة بسببها. فوالدتها هي التي أسست رفقة مجموعة من الغيورات على الرياضة النادي المذكور. كان ذلك بداية سنة 1997 عندما لاحظت أن ابنتها لمياء تهوى ممارسة كرة القدم ولا تجد فضاء تلعب فيه سوى في أزقة حيها المزفتة, فقررت تأسيس نادي يسمح للفتيات في مثل سنها ممارسة هوايتهن في ظروف افضل. كانت لمياء خلال طفولتها تتفوق على اقرانها من الفتيان في المراوغات والتسديدات المركزة. وهي الفنيات التي مازالت تحتفظ بها الى اليوم داخل فريقها أو في المنتخب الوطني.
تعد لمياء أصغر لاعبة تلتحق بـ "لبؤات الاطلس". إذ لم يكن عمرها يتجاوز 16 ربيعا عندما وجه إليها الدعوة المدرب المخضرم سليماني العلوي. وقد شاركت في عدد كبير من المباريات سواء في تصفيات كأس إفريقيا أو بطولة المغرب العربي، كما سبق أن توجت أفضل لاعبة في المغرب خلال موسمي 2004 و2005. وفازت مع فريقها بلقب البطولة الجهوية للدار البيضاء وجهة الحنوب وهي اليوم تقود الفريق الحريزي نحو الفوز بالنسخة الأولى للبطولة الوطنية النسائية التي استحدثتها جامعة حسني بنسليمان الرجالية التي لاتضم في مكتبها الجامعي إمراة واحدة.
يصفها رئيس نادي برشيد أنها لاعبة لطيفة وخلوقة و"عادية", ويقصد بذلك أنها بنيتها لاتختلف عن الفتيات في عمرها, على خلاف ما يشاع بأن "الكويريات" مثل الرجال. فقد فندت التجارب سواء في افريقيا أو أوروبا, التي انطلقت منها كرة القدم النسوية, أن الممارسات لهذه اللعبة يتمتعن بأنوتتثهن تماما مثل ممارسات للرياضات الاكثر رشاقة, التنس أو الغولف أو الكراطي.
لاتفكر لمياء في الاعتزال وتنوي اتباع مسار زميلتها في الفريق, اللاعبة تيكانة التي تبلغ من العمر 38 سنة ومع ذلك مازالت ترسم لواحات مثيرة علة المربع الاخضر. بل هناك جمهور كثير في برشيد واليوسفية بات يفضل متابعة المباربات التي تشارك فيها تيكانا وبومهدي على مشاهدة مباريات فرق المدينة للذكور الذين يمارسون بالقسم الثاني.
وعلى عكس ما يقوم به الجمهور من شغب وعنف في الملاعب الوطنية خلال مباريات بطولة الرجال, فإن هذا العنف اللفظي يغيب عن مدرجات ملاعب الفتيات، إذ يسود احترام كبير ولا يسمح احد لنفسه بترديد "كلام الزنقة" في ملعب تحضره عائلات لمشاهدة بنات يمارسن رياضتهن المفضلة.
موسم وردي
أنطلقت النسخة الأولى من البطولة المغربية لكرة القدم النسوية منتصف شهر يناير 2008 بمشاركة اقوى الفرق المعروفة في البلد وهي أطلس 05 لمدينة الفقيه بن صالح، بطل عصبة تادلة، ونادي برشيد، والوداد البيضاوي، من عصبة الدارالبيضاء، وأمل السلاوي، بطل عصبة الغرب، وسكك مكناس، بطل عصبة مكناس تافيلالت، وفتيات البوغاز، بطل عصبة طنجة، ورجاء أكادير، بطل عصبة سوسن والنادي البلدي، بطل عصبة الصحراء.
وقد انشأت البطولة بعدما بات ملف كرة القدم النسوية يطفوا بشكل مثير على سطح الأحداث في الآونة الأخيرة, سيما بعدما توصلت الجامعة الملكية بمراسلة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) يهددها بسحب الدعم الذي يمنحه الاتحاد سنويا للجامعة من أجل الإقلاع برياضة كرة القدم النسوية، فضلا عن محاولات مجموعة من الأندية إنشاء رابطة مستقلة لهذه الرياضة الحديثة في المغرب، وهو ما دفع المكتب الجامعي إلى عقد اجتماع تقرر على إثره إطلاق البطولة النسوية.
لمياء وتربة التيرس
نشأت لمياء بومهدي وترعرغت في مدينة برشيد، وعلى تربة التيرس التي تميزها تعلمت الأبجديات الأولى لرياضة ظلت إلى وقت قصير حكرا على الرجال.
تقع مدينة لمياء على مساحة تقدر ب 17 كلم2 وتمتد فوق وسط سهل الشاوية المنبسط والمعروف بتربة التيرس الخصبة فلاحيا حيث تحدها شمالا جماعة أولاد صالح، وجنوبا وغربا سيدي المكي، وشرقا جماعة جاقمة. وتنفرد مدينة برشيد بموقع جغرافي استراتيجي متميز يجعل منها جسر عبور لاغنى عنه بين جهة الدار البيضاء الكبرى وجهة الشاوية ورديغة، بحيث لا تبعد عن العاصمة الاقتصادية للبلاد إلا بحوالي 35 كلم، وعن ميناء الدار البيضاء بحوالي 40 كلم وعن المطار الدولي النواصر بحوالي 12 كلم، وعن مدينة سطـات عاصمة الجهة ب 30 كلم، وعن مدينة مراكش بحوالي 200 كلم وعن مدينة الجديدة بحوالي 90 كلم.